النجاح الشخصي والعملي

 الحقيقة مش بفهم الربط بين النجاح الشخصي والعملي وبين التفوق الأخلاقي أو المُعتقدي هذا النموذج الأخلاقي للنجاح، نموذج "محمد صلاح" و"أبو تريكة" للمسلمين ونموذج "دينزل واشنطن" للمسيحيين.

ماذا عن شركة لديها خدمة عملاء سيئة أو ثقافة عمل رديئة ولكنها تحقق نمو منقطع النظير ؟
ماذا عن مُغني مغرور ولكنه الأول في مبيعاته وإنتشاره ؟
ماذا عن شخص بذئ اللسان ولكنه محبوب بشدة نظراً لمساعدته للأخرين ؟
ماذا عن شخص يكره بلده ولكنه متفوق جداً في مجال عمله والعمل الخيري ؟
ماذا عن مُلحد لا يشرب الخمر ؟
ماذا مع مدير متحرش مع نبوغه في إدارة عمله ؟
ماذا عن دولة مُحتلة ولكنها واحدة من أكثر دول العالم تقدماً ؟

أنت تقول: هو حتماً ليس ناجح. لكن أي نسخة من النجاح تتكلم عنها؟ وإيه هي مؤشراتها؟ هل هي الفلوس والأرقام والتأثير والقوة؟ ولا هي العدل والأمانة والإحترام والإلتزام؟ ولا هي مزيج بينهم؟ ومين المفروض يحدد الخلطة دي المُتفرج ولا صاحب الهدف؟

يُزعج الكثير فكرة أنه يمكن لشخص أن يكون ناجح وهو لا ينتمي لجماعتي أو ذوقي أو كُتيب إرشاداتي بل ينتمي إلى المعكسر المُعادي الذي أحتقره. العقل البشري يميل إلى التنميط وإلى تقليص الإختيارات إلى إحتمالين فقط بما يعرف بمغالطة التقسيم الخاطئ أو الـFalse Dichotomy. التنميط إلى حد أن تكون شيطان كامل أو ملاك كامل فلا يمكن أن تكون بينهما فهذا مُزعج.

فكرة أنه يوجد ثري مرتاح البال، فقير غير راضي، ظالم تنتهي حياته بسلام، كاذب لا ينكشف، مُجتهد لا يصل أبداً وأن الخير ليس بالضرورة ينتصر في النهاية وأن السعي لا يقتضي حتمية الوصول. تعد تلك الأفكار درب من دروب الجنون بالنسبة لمن إعتادوا التنميط.
"إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة، فالله لا يحابي الجهلاء فالمؤمن الجاهل سيغرق والكافر المتعلم سينجو".

أنت تقول: لكن هذا ليس عدل. لكن مرة أخرى أي نسخة من العدل تتكلم عنها؟ عدالة الأرض أم السماء؟ عدالة الأرض في أي ثقافة أو دولة؟ وعدالة السماء في أي مُعتقد أو دين؟ وقبل كل شئ العدل من وجهة نظر الظالم أم المظلوم أم القاضي أم المُشاهد.

لو بتشوف الحقائق بالأبيض وبالأسود فهنيئاً لك راحة البال وهنيئاً لنا الإستمتاع بالألوان. أنا لا أحاول تمييع الأشياء بل أحاول أن أخذك في جولة عن الأخر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال