النكتة بتقول إن مسئول مصري بيعلم مسئول أمريكي إزاي يبقى فاسد و"قارح"، يعني فساد لدرجة الجنون، وبيسأل الأمريكي: "إنت إزاي بتسرق مال الشعب؟" الأمريكي قال له: "شايف الكوبري اللي هناك ده؟ هو بيتكلف عشرة مليون وإحنا بنكتب إنه اتكلف خمسين مليون. إنت بقى يا مصري بتسرق الشعب إزاي؟" المصري قال له: "شايف الكوبري اللي هناك ده؟" الأمريكي قال له: "ده مافيش كوبري أصلاً!" رد المصري بفخر: "هو الكوبري اللي مش موجود ده، كتبنا في الدفاتر إنه اتكلف خمسين مليون".
تصدق بالله يا صديقي؟ دي مش نكتة، دي حقيقة حصلت فعلاً !
في بداية حكم مبارك قرر يعمل مترو الأنفاق، واتشكلت لجان كتيرة، كان أهمها لجنة بتشتري معدات الحفر الحديثة من أوروبا. قررت اللجنة تشتري أحدث "ونش" لحفر الأنفاق، ومسئول سافر فرنسا واشتراه من شركة فرنسية، واتفق مع شركة تانية توصله مصر. ودخل البلد واشتغل في المشروع، واتعين له اتنين سواقين، ومشرف، ولجنة للصيانة باعتباره أحدث ونش عملاق في العالم. وفضل شغال من سنة 83 لحد ما حصل الزلزال سنة 92. مهندس جديد في هيئة المترو بيدور على الونش عشان يطلع الناس من تحت الأنقاض، والمفاجأة إنه لقى الونش مش موجود! الراجل اتخض وفوراً راح مقدم بلاغ سرقة في القسم.
ومع الوقت، الخبر وصل للصحافة وبقى حديث المصريين، لأنه اتسرق من ميدان التحرير في عز النهار، مع إنه آلة ضخمة جداً وأكيد مر على لجنة أو ناس قاعدة في القهوة أو عسكري مرور! والناس تضرب كف على كف مش مصدقة إن ونش عملاق زي اللي في الصورة يتبخر في الهواء بالشكل العجيب ده!
بعد تلاتين سنة، وبالصدفة، مهندس مصري كان شغال في هيئة المترو واتنقل للمينا في الإسكندرية، لقى قدامه مركب بتاع شركة الشحن اللي وصلت الونش من فرنسا لمصر. وبيحكي مع القبطان عن الحادثة الغريبة دي، ويفاجأ بالقبطان بيقول له إن الشركة عمرها ما جت مصر، ودي أول مرة! المهندس ابتدى يشك في القصة، راح متصل بالشركة اللي صنعت الونش واتعاقدنا معاها من تلاتين سنة. وللمرة التانية ترد الشركة إن مسئول مصري راح فعلاً واتفاوض معاهم، بس اختفى من غير ما يشتريه منهم!
الموضوع كان مرعب ومستحيل يتصدق، لأن كل الأوراق سليمة حتى كشف حضور وانصراف السواقين، وفواتير الصيانة، وتغيير الزيت، والإصلاح. المهندس جمع كل أوراقه وطلع على صحفي شهير أيامها اسمه سمير رجب، حاجة كده زي مصطفى بكري وأحمد موسى. سمير أخد الورق من المهندس الشريف ولقى كلامه صحيح فعلاً، وما كانش فيه ونش أصلاً عشان يتسرق. ولأنه صحفي رخيص، هدد الحكومة بنشر الموضوع وتبقى فضيحة عالمية في ممارسة الفساد بشكل أسطوري لا في الأحلام. والحكومة خضعت للابتزاز وراحت معينةً رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية، واختفت المستندات في لحظة. وفضلنا لحد النهاردة بندور على الونش المسروق.
تخيل!