مذكرات معتقل سياسي. (1)
يوم 31-7-2020، كان يوم الوقفة. وصلت البنات البلد عشان يضحوا، ورجعت استحميت حُمّاية العيد وحلقت دقني. الجو كان حار جدًا، شغلت كل التكييفات، وعملت فنجان قهوة سادة وقعدت على النت..
الساعة واحدة صباحًا، مجموعة من الرجال تقتحم الشقة ويفتشوها بهمجية، لدرجة كسروا باب "بايوه" أثري عمره يتعدى القرن. ويخرجوني من مكتبي عشان يفتشوه.
المكتب فيه مكتبة ضخمة فيها آلاف الكتب، وكثير منها نادر لأنه إهداء من الكاتب. والأهم من الكتب مجموعة من أوراق د. سيد القمني أمانة في رقبتي. والأهم من أوراق القمني ساعة أبويا الله يرحمه، الأوميجا الدهب، ودي لها قيمة مادية عالية جداً، وقيمتها الأدبية أعلى.
بعدين عرفت إن الساعة ومبلغ 8 آلاف جنيه نقدي موجودين ومحدش قرب منهم. أمن الدولة مابيسرقوش، هما عندهم إحساس بالتعالي والغرور، والسرقة هتخليك تحتقره انت وأهلك. وبالتالي النقطة دي مش فيهم في الحقيقة.
خرجت من المكتب ولقيت ضابط شرطة مهذب، فسألته: "يرضيك اللي بيحصل ده؟" وطى رأسه للأرض وسكت. ناديت على واحد من اللي في المكتب: "انت عارف بتفتش شقة مين؟ أكيد فيه حاجة غلط!".
خرجوا من المكتب ومعاهم كيسة الكمبيوتر وعلبة فيها حوالي 500 سي دي لحفلات عائلية، وبدوروا على الموبايل اللي بدخل منه على النت، مش مصدقين إن الموبايل بتاعي من غير كاميرا أصلاً !
واحد منهم أخذ الموبايل وسلسلة المفاتيح الفضة المهمة جداً عندي، وشنطة فيها مسكنات وأدوية، وقال لي: "يلا معانا!". فقلت لهم: "طب أطفئ التكييفات أو الأنوار"، قالوا: "لا يعني لأ".
نزلت في الأسانسير أنا وشخص مدني، بيبص في البطاقة وبيعلق بذهول: "انت تقرب لفلان شومان اللي ساكن في شارع كذا الدور التالت شقة 23؟" قلت له بلهفة: "آه، هو اللي بلغ عني؟" وكررتها ثلاث مرات، وهو بيتصعب ومابيردش عليا..!!
هنا بس ابتديت أحس بالخطر. كنت فاكرها الكاميرا الخفية برزالة إبراهيم نصر ورامز جلال، بس طالما فيها شومان يبقى السرطان من جوانا.
واحنا في الأسانسير، عساكر كتير نازلة جري على السلالم ورافعين السلاح بجدية بالغة. وصلوا معانا الدور الأرضي ولقيت المدخل مليان أمن.. واحد منهم اتقدم وغمى عنيا وحط الكلبشات في إيدي، ومشيت معاه لخارج العمارة..
وسامع ضجة شديدة أظنها مقصودة لتخويف الناس، شبابيك بتتفتح وناس بتتكلم، وسارينة عربية الشرطة مزعجة، وأصوات لاسلكي ورجالة بتزعق لبعض.
الحقيقة، عملولي حالة في الشارع بتاعي توهم الناس إني بن لاDن متنكر وسطهم من ربع قرن !
ركبوني بوكس شرطة من ورا وابتدى الموكب يتحرك، اللي عرفت بعد كدا إنه الأمن الوطني مع قوات من مباحث الهرم مع قوات الانتشار السريع. طب ليه التكلفة دي كلها وانت ممكن تجيبني بمكالمة تليفون؟
في وسط المأساة دي افتكرت جملتي الشهيرة: "أنا ما حدش يقدر يقبض عليا، ولا حتى الجيش المصري، إلا لو استعان بالأسطول السادس الأمريكي".
حاولت أرفع العصابة من على عنيا وأدور على الأسطول السادس في ترعة المريوطية، بس خفت من الجدية الزايدة لمجموعة القبض على الإرهـIبي الحْطير محمد شومان.
يُتبع..