المصريين عامة عندهم خلط شديد بين العرف والعادات والتقاليد والدين. يعني الرأي اللي في الصورة ده، هل هو من الدين فعلًا زي ما صاحب الصورة والتعليق بيقولوا ولا لأ؟
الرؤية الشرعية هي حق مباح للرجل عشان يشوف اللي هيتزوجها، وكذلك هي تشوفه، ويحددوا على أساسها قبولهم لبعض أو رفضهم. ولما كان الرجل يهمه في المرأة شكلها وجمالها وأنوثتها الظاهرية، فكل التركيز كان على اللي يباح ليه يشوفه منها واللي مش مباح. طب هل الدين حدد بشكل قاطع الحتة دي؟ تعالوا نشوف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في موضوع الرؤية الشرعية.
روى جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل." قال: "فخطبت امرأة، فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها." رواه أبو داود، وأحمد في المسند. المغني 9/489.
هنا الرسول ما حددش وجه ولا كفين بس، بل واضح من السياق إنه مباح ليه يشوف اللي يقدر يشوفه من الحاجات اللي تشجعه للقبول بها زوجة، طالما النية هي الزواج ولا شيء غير ذلك.
الفقهاء بقى رأيهم إيه؟ لأن دورهم تفصيل وتوضيح ما هو عام لعامة المسلمين.
النقطة دي فيها أكتر من قول:
- القول الأول: قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنفية، ورواية عن أحمد بن حنبل، إنه يجوز للخاطب النظر للوجه والكفين بس. وأجاز الحنفية، في رواية عن أبو حنيفة، النظر للقدمين مع الوجه والكفين.
يعني كله اتفق على الوجه والكفين أهو، لكن فيه رواية عن الإمام أبو حنيفة، اللي المصريين بيتجوزوا على مذهبه، إنه يجوز النظر للقدمين معاهم!
مش هعلق قبل ما نشوف باقي الأقوال.
- القول الثاني: إن للخاطب النظر إلى ما يظهر غالبًا في الخدمة، زي الرقبة، والشعر، والإيدين، والقدمين، والساقين. وده مذهب الحنابلة كما في الإنصاف وغيره.
ونقل ده ابن قدامة في المغني (7/454)، والإمام ابن القيم الجوزية في تهذيب السنن (3/25-26)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/78).
وفيه رواية تالتة عن الإمام أحمد إنه ينظر للوجه بس. قال عنها المرداوي: هي من مفردات المذهب. الإنصاف (8/15).
بتقول إيه يا عم؟ الحنابلة اللي بيتضرب بيهم المثل في التشدد، ويتقال "أنت حنبلي" لما تكون متشدد في حكم شرعي، بيبحوا النظر للرقبة والإيدين، مش الكفين بس، ومعاهم الساقين، مش القدمين، وكمان الشعر؟
لا، ده علماء كتير قالوا إن ده الأقرب للصواب كمان. ليه بقى؟
علل الحنابلة جواز النظر للحاجات اللي بتظهر من الست غالبًا في الخدمة، بإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر ليها من غير علمها، ده معناه إنه أذن في النظر لكل اللي بيظهر منها عادة. فما ينفعش نفصل الوجه عن الحاجات التانية، لأنها برضو مفاتنها وبتكون ظاهرة في العادي، بغير لبس الخروج أو اختلاطها بالعامة. يعني إيه الفرق بين لبسها للعامة ولبسها للخاص المتقدم ليها؟ لو كده، الجلسة دي ما تبقاش رؤية شرعية، تبقى جلسة تعارف، ومش هتبقى رؤية. والرسول ما كانش هيحث عليها بالصورة دي.
قالك كمان، دي واحدة أُبيح النظر ليها بأمر الشرع، يعني معاها رخصة. فأُبيح النظر ليها زي ذوات المحارم، زي أبوها وأخوها. وده رأي فقهي، مش رأيي. تعالوا نشوف القول التالت اللي ممكن الناس ترجُم أي حد يفكر ياخد بيه.
- القول الثالث: إنه يجوز له النظر لمواضع اللحم من المخطوبة، وده منقول عن الأوزاعي.
أما مذهب ابن حزم الظاهري، فهو جواز النظر لكل حاجة ما عدا العورة. وجاء في المحلى: "ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة، فله أن ينظر منها متغفلاً، وغير متغفل، إلى ما بطن منها وما ظهر." (11/219).
ونختم بالقصة اللطيفة دي اللي هتحسم جواز تزيُّن المرأة للخطاب، مش مجرد إن الراجل يشوفها بس.
روى الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، إن الصحابية سُبَيْعَة بنت الحارث تُوفي عنها زوجها في حجة الوداع وهي حامل. فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلَّت من نفاسها تجمَّلت للخطاب. فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك، رجل من بني عبد الدار، وقال لها: "ما لي أراك تجملت للخطاب، ترجين النكاح؟" وفي الحديث إنها أخبرت النبي عليه الصلاة والسلام، فأقرها وما أنكر عليها تزيُّنها.
وفي روايات تانية، إنها تطيبت واختضبت، يعني انحنت وتهيأت وتصنعت وتجمّلت، أي تزيّنت. وأبو السنابل مش محرم لها، بل هو ممن خطبها، ورفضته كمان. ومبدأ التزين للخطاب أقره كل الفقهاء.
فمعلش يعني، لو لقيت واحدة طالعة توريك حاجة غير الوجه والكفين، فأحسن الظن، لأنها حتى لو ما قصدتش، فهي ما خالفتش الشرع، وفيه فقهاء بيؤيدوا كلامها. قد تكون بتتبعهم. مش شرط تقول عليها مش متربية وتطلع تتفاخر بده وتلصقه بالدين، فيبان جهلك. تقول عادات وتقاليد وعرف؟ هقولك الله ينور عليك. تقولي شرع؟ هتجيب التهزيق لنفسك.
وكمان تتهم رجال فتحولك بيتهم عشان يناسبوك ويعطوك عرضهم في رجولتهم. وانت اللي راجل أوي يا ماما، وكمان بجهالة منك. فدي انعدام نخوة ومروءة.
بعدين، انت عبيط يا سطى؟ رايح تكتشف طريقة لبسها في بيتها؟ لا بجد يعني! مش في شغلها، ولا دراستها، ولا خروجاتها لأي سبب؟ ده إيه العقل ده! اللهم صلِّ على النبي.